الأربعاء، ٢١ مايو ٢٠٠٨

عشان ما تنضربش على قفاك

أصدر ضابط شرطة سابق كتابا جديدا يشرح فيه للمواطن المصري حقوقه عندما يتعامل مع رجال الامن وكيف يمنعهم من اهانته والتعدي عليه.


ويقول المقدم عمر عفيفي إن
خبرته وطول فترة عمله في الوزارة كانا دافعا له لإصدار كتاب في صيغة سؤال وجواب يشرح فيه للمواطن البسيط حقوقه وواجباته، ويعرفه بمصطلحات كثيرة يجهلها مثل الفرق بين التحري والكمين وإذن التفتيش، ومن يجوز له تفتيش سيارته أو زوجته تفتيشا ذاتيا وكيف يمكن أن يشكو ضابطا عذبه أو لفق له تهمة.


ويشير في كتابه والذي جاء تحت عنوان
"عشان ما تنضربش علي قفاك" انه لم يكن راضيا عن الأوضاع داخل الوزارة والطريقة التي يعاملون بها المواطن، والضغوط التي يمارسها الرؤساء علي الضباط، فاستقال وعمل محاميا ومدربا في مجال حقوق الإنسان.


ويؤكد عمر أنه طوال فترة
عمله في الوزارة لم يعذب مواطنا ولا صفعه أو أهانه، لأن قوة القانون أكبر من قبضة أمناء الشرطة.


ويضيف
: يلجأ الضباط إلي هذه الأساليب بسبب ضعف إجراءاتهم القانونية وضغوط رؤسائهم والرغبة في الترقية، كما أنه كلما ازدادت المناطق فقرا ازدادت انتهاكات الضباط للمواطنين، حسبما ذكرت جريدة المصري اليوم.


عفيفي استغرق
ثلاث سنوات في الإعداد لهذا الكتاب الذي يمثل تلخيصا لقوانين الإجراءات والعقوبات والشرطة والمرور والآداب، ويتمني أن يشتريه المواطن البسيط.


ويستطرد
: عمل الشرطة قائم علي جهل الناس بالقانون، وهو جهل متعمد، لأن الوزارة لا تنظم حملات توعية سوي لتعريف المواطن بواجباته دون حقوقه، مما خلق نوعا من التوتر بين الشرطة والشعب، ويجب علي الوزير أن يطبع كتابي علي نفقة الوزارة ويوزعه بأسعار رمزية علي جميع فئات الشعب، وذلك لتعريفهم بحقوقهم قبل مطالبتهم بالواجبات.


كما يشار إلى
أن عفيفي قد تدرج من العمل كضابط في مباحث المخدرات ومكافحة جرائم النشل والأمن المركزي والمرور، إلى أن أصبح مأمورا لسجن الإدارة العامة للمباحث.. في رحلة طويلة استغرقت 20 سنة من العمل في وزارة الداخلية، وانتهى الامر بالرجل إلى تقديمه طلب إحالة إلي المعاش نتيجة إصابة عمل


وبقية المعلومات التي توصلت اليها


أن هذا الكتاب بيع منه في خلال أول عشرة أيام لنشره خمسون ألف نسخة


وقامت بعدها وزارة
الداخلية بمصادرة كل النسخ بالأسواق


رغم أن هناك تعاقدات على
300 ألف نسخة للنشر


والأغرب


أن مؤلف هذا الكتاب أخيرا فر بجلده من أرض الوطن بعد ما تعرض للتهديدات
قيل في بعض المصادر أنه مسموح باطلاق الرصاص عليه

دا شعب فقرى

نظرا لأن النعمة فاقت حدها

ولأننا مش قدها

ولأن فعلا انجازاتك فوق طاقتنا نعدها

ولأننا غرقنا في جمايل مستحيل حنردها

نستحلفك .......

نسترحمك نستعطفك ......

نستكرمك ترحمنا من طلعة جنابك حبتين

عايزين نجرب خلقة تانية ولو يومين

اسمع بقى

إحنا زهقنا من النعيم

ونفسنا في يومين شقا

عايزين نجرب الاضطهاد

ونعوم ونغرق في الفساد

بيني وبينك حضرتك

دا شعب فقرى مايستحقش جنتك

أنا عارفه شعب ماينفعوش

إلا شارون وبلير وبوش

عايز يجرب الامتهان

ويعيش عميل للأمريكان

بيمد "غازه" لإسرائيل

ويومين كمان ويمد نيل

أهو يعنى نشرب ميه

واحدة ندوب في بعض

ماء وماء وماء

ونفض سيرة الانتماء

وبلاها نعرة وطنطنة

تبقى البلاد "مستوطنة

" (متسلطنة بالسرطنة)

إيه اللي خدناه م الكرامة والإباء

حبة خطب وكلام...كلام

إحنا راهننا على النظام

ورضينا بخيار السلام

حنسد عين الشمس بيه

علشان مايطلعش النهار

ويطلع لمين؟

حبة معارضة مغرضين؟

وحسب بيان السلطة شلة مأجورين؟

ياعم فضك سيرة وارضى بقسمتك

دا شعب مش فاهم أكيد

يالا اطرده من رحمتك

وإن كنت غاوي الحكم خليك مطرحك

حاغطس واقب وأعود بشعب يريحك

راضى وعمره مايجرحك

أخرس ومايسمعش وأعميلك عينيه

مش كل قرش يبص فيه

مايقولش لأه، وفين، وليه

يضرب ينفض في السليم

وعلى الصراط المستقيم

كل اللي يعرف ينطقه

عاش الزعيم يحيا الزعيم

أنا مصرى أبن مصرى

أنا مصرى أبن مصرى وليا الشرف

برغم المهانة برغـــــــــــــــم القرف

برغم الزبالة اللى مالية الشــــــوارع

برغم الفســـــــــــاد اللى بيه أعترف

سمو معـــــــــــــــالى رئيس الوزارة

نتيجة موظف بسيـــــــــــــط أنحرف

برغم المجاعة اللى داخلين عليهــــــا

وفينا اللى عـــــــايش حياته فى ترف

برغم البطــــــــالة فى أوضة وصالة

برغم أن أخر جنيـــــــــــــه اتصرف

برغم طـــــــــــابور الصباح السخيف

وكل منايا يادوب كــــــــــــــام رغيف

برغم أسايـــــــــا لمنظر عشايـــــــــــا

وأقول مش مهم يــــــــــا واد نام خفيف

برغم إنى شايف بــــــــــلاوى وساكت

وعايش مطنش كـــــــــــــــــأنى كفيف

برغم وزارة رئيسهـــــــــــــــا حرامي

وشوفوا البجاحـــــــــــــة يقولوا نظيف

برغم الســـــــــــلام اللى غرقت بناسها

برغم العيـــــــال اللى ساكنة الرصيف

برغم حكومة شعـــــــــــــارها الكلام

ورغم رئيسنــــــــــــــــا عليه السلام

ورغم أن كله يــــــــــــــا عالم بيغلى

ماعدا كرامتى بترخص قــــــــــــــــوام

برغــــــم إنى عايش في بلدى فريسة

ووجبة شهية لبعض اللئـــــــــــــــــام

برغم أن كـــــــــــــل تاريخك يا بلدى

فعهد جنابه كـــــــــــــلام فوق رخام

برغم ده كله يــــــــــــا مصر بحبك

وطظ فيهم ودا آخر كلام

الاثنين، ١٩ مايو ٢٠٠٨

إهداء الى شعب مصر بقلم محمدحسنى مبارك

يا شعبى حبيبى ياروحى يا بيبى
يا حاطك فى جيبى يا بن الحلال
يا شعبى يا شاطر يا جابر خواطر
يا ساكن مقابر و صابر و عال
يا واكل سمومك يا بايع هدومك
يا حامل همومك و شايل جبال
يا شعبى يا نايم و سارح و هايم
وفى الفقر عايم و حاله دا حال
احبك محشش مفرفش مطنش
و دايخ مدروخ و آخر إنسطال
احبك مكبر دماغك مخدر
ممشى امورك كده بالتكال
و احب اللى ينصب و احب اللى يكذب
و احب اللى ينهب و يسرق تلال
و احب اللى شايف و عارف و خايف
وبالع لسانه و كاتم ما قال
و احب اللى قافل عيونه المغفل
و احب البهايم و احب البغال
و احب اللى راضى و احب اللى فاضى
و احب اللى عايز يربى العيال
و احب اللى يائس و احب اللى بائس
و احب اللى محبط و شايف محال
و احبك تسافر و تبعد تهاجر
وتبعت فلوسك دولار او ريال
و احبك تطبل تهلل تهبل
عشان ماتش كورة و فيلم و مقال
و احبك تأيد تعضض تمجد
توافق تنافق و تلحس نعال
تحضر نشادر تجمع كوادر
تلمع تقمع تظبط مجال
لكن لو تفكر تخطط تقرر
تشغل دماغك و تفتح جدال
و تبدأ تشاكل و تعمل مشاكل
و تنكش مسائل و تسأل سؤال

و عايز تنور و عايز تطور
و تعملى روحك مفرد رجال
ساعتها حجيبك لا يمكن حسيبك
وراح تبقى عبرة و تصبح مثال

أحمد فؤاد نجم


الأربعاء، ٢٠ فبراير ٢٠٠٨

حوار مع الحاكم


قلت للحاكم:
هل أنت الذي أنجبتنا ؟
قال: لا لست أنا
قلت:
هل صيّرك الله إلهاً فوقنا ؟
قال: حاشا ربنا
قلت:
هل نحن طلبنا منك أن تحكمنا ؟
قال: كلا
قلت:
هل كان لنا عشرة أوطان
و فيها وطن مستعمل
زاد على حاجتنا
فوهبنا لك هذا الوطنا ؟
قال لم يحدث
و لا أظن هذا ممكنا
قلت: هل أقرضتنا شيئا
على أن تخسف الأرض بنا
إن لم نسدد ديْننا ؟
قال: كلا
قلت:
مادمت، إذن، لست إلها
أو أبا
أو حاكما منتخبا
أو مالكا
أو دائنا
فلماذا لم تزل، يا ابن الكذا،
تركبنا ؟
و انتهى الحلم هنا
أيقظتني طرقاتٌ فوق بابي
افتح الباب لنا يا ابن الزنى
افتح الباب لنا
إن في بيتك حلما خائنا
الشاعر المبدع أحمد مطر

لا بد ان يدفعوا الثمن


اهم و اول طريقة للرد على الدنماركيين الذين آذونا فى رسولنا و أعز ما نملك هى أن نؤذيهم فى اعز ما يملكون ....... المال
فلابد ان نريهم قوتنا و تأثيرنا و قدرتنا على الحاق الضرر بهم اكثر مما يخيلون
و لابد ان ننرى الله من انفسنا خيرا و غيرة على الدين و استعدادا للتضحية من اجل نصرة المصطفى صلى الله عليه و سلم
ابلغ طريقة للرد على هؤلاء هو العمل على تحقيق اعلى معدلات للخسائر لديهم و اكبر معدلات للكساد لسلعهم فى العالم الاسلامى كله بل و الدول غير الاسلامية و التى تهتم بمصالحها مع دولنا يجب عليها ان لا تقف موقف المحايد و يجب ان يكون لها موقف مساند لموقفنا فى هذه الازمة
و لا داعى للضحك علينا و خداعنا بما يسمى الحوار و حرية الرأى و التفاهم مع الاخر و احترام الاخر فهذه كلمات نرددها نحن و لا يفهمونها هم هم لا يفهمون الا لغة واحدة لغة المال و لذا فليكن الرد عليهم باللغة التى يفهمونها و ليكن كل دولار تخسره شركاتهم هو حرف فى رسالة مفهومة لكل الاجناس و ناطقة بكل اللغات " لابد ان تدفعوا الثمن "
هذه القائمة تحتوى على عدد من المنتجات الدنماركية المنشا
هذه البضائع
يحرم شرائها و الاتجار فيها على المسلمين
و كل من يشترى او يبيع هذه المنتجات فقد اعان على خذلان الامة و شارك فى الاسائة الى النبى صلى الله عليه و سلم
فليحذر كل من يخاف الله و اليوم الاخر ان يتعامل بهذ المنتجات او حتى يتعامل مع المتاجر التى تعرضها

و غيرها من المنتجات الدنماركية و جميعها يبدا الكود الخاص به برقم 57 من اليسار و هو مميز لجميع المنتجات الدنماركية


اخى فى الله اذا قمت بمقاطعة البضائع الدنماركية فقد قمت بأول خطوة للدفاع عن كرامة نبيك صلى الله عليه و سلم و ان لم تفعل فماذا تقول له اذا سألك عن ذلك يوم القيامة ؟؟؟

الثلاثاء، ١٩ فبراير ٢٠٠٨

عودة الإساءة الدانماركية.. الدوافع الحقيقية وسبل الرد


بقلم الأستاذ هشام طلبة

الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
كما يعلم الجميع أعادت سبع عشرة جريدة دانماركية نشر رسومات كرتونية قبيحة للنبى "صلى الله عليه وسلم" تصوره إحداها يعتمر عمامة فيها قنبلة ولم تقل سائر الرسومات الإثنا عشر سوءاً عن ذلك.
أولاً: أطرح سؤالاً على أصحاب تلك السقطة الشنيعة. أتعلمون أنتم عمن تتكلمون؟ أتعلمون أنتم بصدد من ؟ لن أقول أنتم بصدد نبي يؤمن برسالته مليار وثلث المليار من البشر فحسب... لكني أذكركم بفضله (صلى الله عليه وسلم) على ما تنعمون به من النعم المادية التي أبدأ بها لعلمي بمدى حرصكم عليها ، لو لم يرسل الله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) لما تقلبتم في تلك النعم التى تنعمون بها. فقد أرسى قواعد دين أنشأ حضارة لولا اتصالكم بها في الأندلس لما وصلتم لما أنتم فيه.
ما الدفاع الحقيقى وراء تلك الإساءة ؟
يخطأ من يتصور أن مثل تلك الإساءات هم لمجرد إغاظة المسلمين وإخراج الألسنة لهم. صحيح هناك استعلاء ثقافى يقطر من أقلام غلاة الغربيين. كقول " راسموسن" عن المسلمين وبعد تحديه بعدم الاعتذار، إنهم (أى المسلمون) يجهلون كيفية عمل وسائل الإعلام الحرة، ولكن هذا هو نظامنا !!! وكقول سكرتير عام منظمة صحفيون بلا حدود : أن يصدم المسلمون جزء من ثمن أن يعرفوا... وكقول جريدة ليبرو الإيطالية: يا للعار أوروبا تركع للإسلام.وكقول وزير خارجية هولندا :"أوروبا تقدس حرية التعبير مثلما يقدس المسلمون رسولهم". وكقول راسموسن لأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامى (حين احتج فى بداية الأمر)أنهم لم يفعلوا شيئا يخجلون منه! كل هذا صحيح، لكن لماذا الآن ؟ ومن المستفيد ؟ يحضرنا هنا قول الأسقف الدنماركى"كارستين نيسين"فى زيارته للقاهرة أن هناك" أيدى خفية" فى هذا الأمر الحق أن أوروبا كان ولا يزال لديها مشكلة وكذلك أمريكا الآن أصبح لديها مشكلة. أمريكا تعانى من عزلة غربية فى حربها على ما تسميه الإرهاب خاصة بعد اعتراض فرنسا وألمانيا على ضرب العراق. وأوروبا تعانى من مشكلة ديمجرافية حيث تتناقص أعدادهم فى حين يزداد المسلمون خصوبة ويهاجرون إلى أوروبا علاوة على دخول العديد من الأوروبين فى الإسلام. وقد قيل إنه لو استمر هذا المعدل لصار أغلب سكان هولندا عام 2030 مسلمين، ولأصبحوا عام 2050 نصف سكان روسيا.(1) بل أن برنارد لويس يتندر على الأوروبين فىقوله لهم اتحادكم سوف يصبح عام 2075 إتحاداً إسلاميا.(2)

الذى أراه أن الحدث كله عملية استدراج من اليمين الأمريكى لأوروبا للحاق بها فىما سمته الحرب على الإرهاب.. وهو فى سريرتهم الإسلام.. وذلك لعدم تكرار الصدام مع أمثال ألمانيا وفرنسا. ولهذا التحليل قرائن، فكوبنهاجن هى مكان صدور إعلانها الشهير بين فلسطينيين ويهود يفرط فىه فى حق العودة وغيره

كما أن إدانة أمريكا وحليفتها انجلترا للرسوم المسيئة كانت سريعة. ومن لم يلاحظ عدم مشاركة جريدة أمريكية واحدة فى إعادة نشر الرسوم؟ بل كانت هناك ضغوط لذلك. مثل استقالة رئيس تحرير " نيويورك برس " لضغط أصحاب الصحيفة عليه لعدم النشر ومثل نشر الواشنطن تايمز إطارا فارغاً يندد بفتور الرد الأمريكى، مما يؤكد وجود ضغوط لمنع النشر. بل كتبت تلك الجريدة أيضا : أوروبا تدرك فى نهاية الأمر المشكلة هو ما كانت تريده الولايات المتحدة وهذا يعنى الحصول على تعزيزات فى الحرب على الإرهابيين.
أما أخطر ما يؤيد ما ذهبنا إليه فهو ذكر حافظ الميرازى فى برنامج " من واشنطن " فى قناة الجزيرة وذكر بعض الصحف البريطانية أن " فلمنج روز" محرر الشئون الثقافية فى الجريدة الدانمركية والمسئول الأول عن الإساءة صديق مقرب لدانيال بايبس اليمينى الأمريكى العتيد وقد كان عنده فى أمريكا العام الماضى. فما الذى يمنع أن يكون ذلك الأمر قد دبر بليل بينهما لاستنفار الخوف الكامن عند الأوروبين من تزايد الإسلام، ولاستفزاز المسلمين... ولعله يخرج منهم من يفعل فى كوبنهاجن ما فعل فى لندن ومدريد من عمليات إرهابية فتنضم أوروبا إلى أمريكا لحربها على الإسلام. لذلك لما لم تفلح الرسوم الكرتونية ثنوا عليها بصور جديدة لأبى غريب. يتأكد لنا ذلك حين نعلم أن المدعو "فلمنج روز" فى الآصل يهودى أوكرانى عمل تحت هذا الإسم وأنه على علاقة وثيقة بالموساد وحزب الليكود الإسرائيلى "هذا ما ذكره عالم الاجتماع الأمريكى "جايمس بتراس" (سطوة اسرائيل ، الدار العربية للعلومص 259). كما أكد فيكتور أوسترونسكى ، عميل الموساد الإسرائيلى أن المخابرات الدنماركية يغادر مسئولون منها كل ثلاث سنوات إلى اسرائيل لحضور دورات يقيمها الموساد(عن طريق الخداع ، قصة الموساد الإسرائيلى ، ترجمة خالد شقير وعبد البارى حويز ، الأهلية للنشر والتوزيع. الاردن) أى أن الدنمارك من أهم مراكز نشاط الموساد. لم يكن إذا غريبا أن يكون السياسى الهولندى الذى ينوى إصدار فيلم يظهر فيه القرآن الكريم وقد تمزق على علاقة بالموساد. والحق أن هذه السياسة الأمريكية الصهيونية ليست جديدة. فقد انشأ رامسفيلد من قبل وحدة أسماها Proactive Pre Emptive operation group.(1)(1) (نقلا عن مقال لمها عبد الفتاح فى اخبار اليوم عدد 17/12/2005 بعنوان "صناعة تغيير نظم الحكم " ). وقد نقلت تلك المعلومة بدورها عن Flynt leveret خبير تحليل المعلومات الأمريكي بمجلس الأمن القومى وال C I A سابقا.
كل دورها استفزاز واستدراج جماعات مسلحة للهجوم على مواقع معينة !!! لتوظيف ذلك سياسياً لتشويه صورة الإسلام فى الغرب والحد من انتشاره ، وفى نفس الوقت إخافة الشعوب الغربية من المسلمين فتطلق يد المحافظين الجدد لتنفيذ أجندتهم. والحق أن سلسلة ترويع الغربيين من المسلمين مستمرة. كان آخرها تصريحا لوزير الدفاع البريطانى "جون ريد" ذكر فيه أن المتطرفين المسلمين يسعون ( وعندهم القدرة على ذلك ) لتدمير إسرائيل وقتل كل اليهود وغير المسلمين!!.

من المتسبب فى ما حدث ؟
الحق هناك أربع فئات عندنا مع تفاوت النسب مسئولون عما حدث:
1- القائمون على شئون البلاد والمتصرفون فيها لعدة أسباب: لقد استعلى علينا غربيون لتخلفنا العلمى والمادى والديمقراطى، وهم المسئولون عن ذلك بل عندما خرجت مظاهرات فى بلاد لا تسمح فى العادة بذلك قالوا ذلك أمر مدبر.
2- بعض الرسميين من علماء الدين لأنهم قبل ذلك قدموا مسوغاً شرعياً لأمور مشابهة كقولهم أن هذه الدولة الغربية من حقها فعل ما تشاء.* فشجعهم ذلك على تكرار الفعل.
3- الطابور الخامس من الصحفيين والإعلاميين والذين يسيرون فى الأمة إرجافا وتثبيطاً. ولولاهم لراجع أعداؤنا مواقفهم. ولذلك أنشأ لهم رامسفيلد إدارة التضليل الإعلامى، لتجنيد صحفيين عرب لحسابهم.
4- الجماعات الإسلامية المسلحة المخترقة: حقيقة لو كانوا منتبهين ما تم توجيههم بالريموت كنترول عن طريق عملاء من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ولما حدث العديد من الكوارث لنا.

وأخيرا: ما العمل للخروج من تلك الأزمة ؟
يتم ذلك بالعمل على أربعة محاور
1- المحور الشعبى، وهو محور المقاطعة الاقتصادية والمظاهرات دون حرق بنايات ولا حتى أعلام.فقد حاول بعض غلاة اليمين الدانماركى حرق مصاحف ردا على حرق أعلامهم. وقد نقيس ذلك على قوله تعالى :- " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم "( الأنعام 108). وقد سوق أعدؤنا مسألة حرق الأعلام تسويقا شيطانيا واعتبروه دليل عنف. بل منهم من صور علماء الدين عندنا الذين كانوا يمنعون الغاضبين من حرق سفارات الدول المعنية على أنهم يدفعون الناس لذلك.
2- المحور التشريعى، عن طريق علماء القانون الدولى لدينا. لاستغلال المتاح من تشريعات عند الغرب لمعاقبة الجناة. مثل قانون " جيسو Gaysso " فى فرنسا والذى حوكم به " روجيه جارودى " لأن من بنوده غير معاداة السامية قمع التصرفات العنصرية وكراهية الأجانب ( كما ذكرت د. زينب عبد العزيز فى مقالها القيم المنشور بموقع Alshaab.com تحت عنوان " تأملات فى المسألة الكاريكاتورية المسيحية ") كما أن هناك بعض بنود فى القانون الدانمركى تسمح بشىء من ذلك. فهناك قانون ضد الهرطقة أو التجديف Blasphemy ضد الإيمان، وقانون ضد العنصرية والتمييز وقانون ثالث ضد التشهير (كما ذكر سفير الدانمارك بالقاهرة). وكذلك القانون الأمريكى للحماية من الاضطهاد الدينى. أو بعد ذلك السعى الحثيث لاستصدار قانون جديد سواء فى أوروبا أو الأمم المتحدة. واستغلال تصريحات مسئولين غربيين مفيدة لنا. مثل قول كلينتون أن العالم يتجه إلى معاداة الإسلام بعد معاداة السامية. ونختار اسماً رنانا كقانون "الاسلاموفوبيا" مثلاً كما ذكر أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامى. وفى هذا الاتجاه أيضا يجب السعى لاستصدار قانون فى الدانمارك وغيرها للاعتراف بالإسلام وبمراجعة الكتب المدرسية فيما تذكره عن الإسلام وتنقيتها فى التحامل عليه وهذا ما طالب به زعيم المحافظين فى البرلمان الأوروبى.

3- المحور العلمى، وهو محور استغلال مناخ الحديث عن الإسلام لعرضه وذلك:
أولا: بإنشاء مرصد لما يكتب عنا فى الغرب، حتى لا نتأخر فى الرد ونؤاخذ عند الرد المتأخر أو تتبدل الأمور وتتغير. وقد قامت من قبل د. زينب عبد العزيز بوضع دراسة جدوى لهذا المشروع منذ عشر سنوات ولم يهتم به أحد.
ثانياً : سرعة ترجمة وإرسال كتب عن الإسلام للمراكز الإسلامية فى الغرب المتشوق لمعرفة ديننا. والتعاون الوثيق مع تلك المراكز وتلبية احتياجاتها وكذلك التعاون مع المكاتب الثقافية العربية ودعوة المستشارين الثقافيين للقيام بواجبهم حيال ذلك وعدم الإكتفاء بكتابة التقارير عن المبعوثين بل إن الأمر يستوجب استحداث منصب المستشار الدينى لسفاراتنا. ( كما طالب من قبل د. زغلول النجار ).
ثالثاً : التواصل مع المراكز الثقافية الغربية فى بلادنا وذلك لمخاطبة المتواجدين منهم فى مصر، ولنبدأ بالمركز الدانمركى المصرى للحوار.
رابعاً : استقدام بعض مثقفيهم وتمويل ذلك من رجال إعمال وغيرهم.
خامساً : إقامة ندوات وحلقات نقاشية فى كوبنهاجن وغيرها. ولنستفد فى هذا الأمر ممن أسلموا من الغربيين مثل د. مراد هوفمان والشيخ حمزة يوسف ويوسف إسلام والعالم الفرنسى " عبد الحق جيداردونى " وغيرهم.
ولنحرص على تنوعهم الفكرى بل والإبداعى فما المانع من إرسال منشدين كسامى يوسف وقراء شبان كمشارى راشد. بل وكذلك إقامة معارض لفنانين مسلمين. كل ذلك لإظهار جانب الحضارة والتنوع. وهم أى الدانماركيون والغربيون ، يساعدوننا فى هذا الأمر لأنهم معنيون بذلك كما قال رئيس منظمة " دايمنشن " الدانماركية :" تقع على عاتقنا نحن الدانماركيين مسئولية معرفة الآخر والتعرف على ثقافته".. فمن مصلحتهم أن يعرفونا فلا يقعوا فى أزمة كالمقاطعة الاقتصادية وغيرها مرة أخرى.
وهذا المحور هو الأهم وقد قال ربنا تعالى : " عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم " (الممتحنة 7)
سادسا: إنشاء قنوات فضائية بألسنة القوم يقوم عليها مسلمون من تلك البلاد.
وقد قرأنا فى هذا الأمر أخباراً تتحدث عن اجتماع 85 منظمة إسلامية عالمية تمثل المجلس الإسلامى العالمى للدعوة والإغاثة برئاسة كامل الشريف فى القاهرة وبحضور شيخ الأزهر وبعض وزراء الأوقاف لبحث إنشاء تلك القناة بعدة لغات.
4- محور الجهاد المدنى (كما سماه فهمى هويدى)(3) وهو إصلاح كافة مؤسساتنا المدنية ( أى الإصلاح السياسى ) فلا نتخلف علمياً ولا ديمقراطياً كما يعيرنا بذلك أعداؤنا.
لم يبق إلا أن نقول إن تولينا عن نصرة حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذى يعز عليه عنتنا والحريص علينا بمثل ما ذكرنا – فإنه حسبه الله تعالى:
" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم. فإن تولوا فقل حسبى الله لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " (التوبة 128-128).

ونحن في انتظار رسائلكم وتعليقاتكم

الهاتف: 0020127793747 من داخل مصر : 0127793747

الإيميل : tolba_hesham@yahoo.com

الهوامش:

(1) نقلا عن مقال شديد الأهمية لأستاذ التاريخ الأمريكى " نيال فيرجسون" فى مجلة " السياسة الخارجية “FOREIGN POLICY” بعنوان " عالم من دون سلطة، عدد يوليو أغسطس 2004وهو ما أكده كذلك "رائد حليحل" أحد زعماء مسلمى الدنمارك فى حديثه لأفاق عربية عدد9/2/2006م ص5
(2) نقلا عن تحليل ممتاز لوليد الشيخ فى عدد 6/2/2006م فى جريدة الأسبوع ص7 بعنوان " سقوط الغرب"

*صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية ذكرت فى الأيام الأخيرة من عام 2003م أن تصريحات الشيخ طنطاوى بأن من حق فرنسا سن قانون الحجاب تعد شيك على بياض لساركوزى وزير داخليتها.

الجمعة، ١٥ فبراير ٢٠٠٨

حرية التطاول على الاديان

مريم العذراء تتنكر بلباس أفغاني.. بينما تحيط الهالة النورانية ليس بوجه المسيح بل بوجه أسامة بن لادن!! هذه ليست خزعبلات مسلم حاقد على الديانة المسيحية اختار الانتقام من الرسوم المسيئة للرسول صلى الله الله عليه و سلم، و إنما ببساطة هي تماثيل من إبداعات فنانين أستراليين اختاروا الدفاع عن حقهم في "حرية التعبير"!! العملان الفنيان أثارا موجة من الاستياء وصلت لحد الاستنكار من قبل رئيس الوزراء الأسترالي نفسه "جون هوارد".. استنكار لطالما أملته الشعوب الإسلامية في أزمة الرسوم المسيئة و لكنها انتظرته طويلا ..و السبب أن الرمزين اختلفا ..فالرسول صلى الله عليه و سلم هو رمز للملايين من المسلمين "المتخلفين" الذين لا يقيمون لحرية التعبير وزنا ..أما صورة المسيح فهي "انتهاك صارخ" لمشاعر المتدينين الأستراليين!
العمل الفني الأول للفنانة بريسيلا براكس، يحمل عنوان "الشرقيون الملتحون.. صناعة صليب
الإمبراطورية"، وهو عبارة عن رسم "مزدوج الرؤية" يصور كلاً من السيد المسيح وبن لادن، زعيم
تنظيم القاعدة. تنتابني بشدة حالة من "الديجافو" و هو شعور غريب بأنك رأيت هذا المشهد من
قبل ..غير أن الغرابة تنتفي من المشهد لأنه قريب جدا. المشهد هو ذاته و لكن بأسماء و صور
مختلفة!! ..فالقنبلة التي حلت محل عمامة الرسول صلى الله عليه و سلم في الرسوم المسيئة يقابلها
استبدال لحية المسيح الطويلة بلحية بن لادن !!

الفنانة البريئة لم تقصد سوى "مزج" الخير و الشر في صورة واحدة .و لكن أحد المدونات و اسمها
شيرلي اعترضت بقول: "بوسع المرء أن يقارن أسامة بن لادن بـ(الزعيم النازي أدولف) هتلر أو
(الرئيس العراقي الراحل) صدام (حسين) فقط، لكن المسيح جاء إلى الأرض ليس ليرهب، وإنما
ليخلص البشرية". إذا استبدلنا كلمة "المسيح" بكلمة "الرسول" فهي العبارة ذاتها التي استخدمها
المسلمون للدفاع عن رسولهم !! لماذا لم يستمع أحد من العالم" المتمدن الغربي" لاحتجاجات
المسلمين ؟؟ أم أننا شعوب تحكمنا عواطفنا الملتهبة التي لم يعد لها معني في عصر الحداثة و سيادة المنطق؟؟

مريم العذراء ..
أما تمثال مريم العذراء المبرقع بالزي الأزرق الأفغاني فهو للفنان لوك سوليفان، ويحمل عنوان
"السر الرابع لفاطمة"، فهو يمثل تمازجا بين رمزين شديدي التضاد في العقل الغربي..إذ كيف
لـ "رمز التخلف -البرقع الطالباني-" برأيهم أن يتطاول على مريم رمز الطهر و العفاف؟ تمثال قد
يمثل صدمة للذاكرة البصرية لدى المواطن الغربي تذكر بالصدمة التي تلقاها الفرد المسلم لدى رؤيته
للقنبلة في أزمة الرسوم المسيئة !

تماثيل مسيئة .. و دلالات
هذه الأزمة إن دلت على شيء فإنما تدل على استفحال داء لطالما عانى منه العقل الغربي و هو
"ازدواجية المعايير"..إذ انتقدت جماعات الضغط المسيحية في أستراليا اللوحة والتمثال المثيرين
للجدل لتقول جلينيس كوينلان، المتحدثة باسم اللوبي: "من المؤسف حقا أن الناس يأخذون حريات
(في التعامل) مع الدين المسيحي لا يأخذونها مع ديانات أخرى". ربما نست أو تناست السيدة كوينلان
أن الناس أخذوا حريات جمة في التعامل مع دين آخر قبل أشهر فقط و هو الدين الإسلامي..فلماذا
أنكرت الللوبيات استخدام الحرية المفرطة مع الدين المسيحي و لم تستنكره مع الدين
الإسلامي؟ ..أوليست النفس البشرية واحدة و تعلقها بالدين سواء ؟؟

كثير من كتب الأطفال الأجنبية تصور الاله -تعالى الله عن ذلك- و هو يشرب القهوة في استراحته خلال
خلق السماوات و الأرضين السبع..حجة استخدمها المفكرون أيام أزمة الرسوم في شرح مظاهر
عدم تعلق الغربيين بالدين و لكن أزمة التماثيل أثبتت أن الدين ما زال يمثل هاجسا لدى المجتمعات
الغربية الصناعية رغم انحساره الظاهر في الحياة العامة..فهل دخل العالم فعلا مرحلة صراع الثقافات
و الحضارات كما نظّر هانتنغتن في كتابه؟؟ و إذا كان الغربيون بشر يشعرون بالإهانة كما نشعر بها
نحن فلماذا يصادر حقنا "بالتعبير" عن الاستياء؟؟ أم أن التعبير عن الرفض أصبح "رفاهية" لا تحق
إلا للشعوب المتحضرة ؟؟

الاسائة الغربية للرسول باقلام المحللين

فهمي هويدي: من دروس الحملة الأوروبية على نبي الإسلام

لا أستطيع أن أخفي عدم ارتياحي للعنف الذي استخدم ضد بعض السفارات الدنماركية والنرويجية في الخارج، لكن غضبي لكرامة نبي الإسلام الذي أهين في البلدين أكبر، فضلا عن أنني أزعم أن موقف حكومة الدنمارك بوجه أخص يتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية عن الذي جرى لسفاراتها، ولأنني أحسب أنني لست بحاجة لأن أشرح لماذا كان الغضب كبيراً لكرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وعند غيري، فإنني سأتوقف قليلاً أمام النقطتين الأخريين.

ذلك لم يحدث للأسف، الأمر الذي ينبهنا إلى ان الثقافة السائدة لم تستوعب لا فقه انكار المنكر كما تعلمناه في الإسلام، ولا أساليب النضال المدني وفنونه التي تقدمت كثيراً في عالمنا المعاصر، فقد تعلمنا أن للانكار درجات، كما أن له أصولاً وقواعد، منها مثلا أن يؤدي الانكار إلى تحقيق المراد، وأنه لا يتسبب في وقوع منكر أشد منه وأكبر، وهو ما لم يحدث في الحالة التي نحن بصددها، حيث تناقلت وسائل الإعلام العالمية صور السفارات الدنماركية وهي تحترق، في حين تجاهلت الصور التي أهانت نبي الإسلام وأثارت ثورة المسلمين.

من ناحية أخرى، فإن جوهر النضال المدني يقوم على فكرة استخدام الأساليب السلمية التي تحترم القانون في إيصال رسالة الاحتجاج والغضب، وقد أشرت تواً إلى مسألة التظاهر السلمي، التي هي أبسط تلك الأساليب، التي سبقتنا إليها الممارسة في الديمقراطيات الحديثة، لكننا تخلفنا في هذا الباب، لأنه ليست لدينا ديمقراطيات تفرزها!

في هذه الأثناء أطلقت الدعوة إلى مقاطعة البضائع الدنماركية، وهي الدعوة التي حققت نجاحاً نسبياً في العالم العربي على الأقل، الأمر الذي أزعج السلطات في كوبنهاجن، التي تعرضت لضغوط قوية من المؤسسات الاقتصادية صاحبة المصالح الكبرى في المنطقة، فنشرت الصحيفة التي أثارت الفتنة اعتذاراً خجولاً باللغة العربية على إحدى صفحاتها، في حين تمسكت بموقفها الذي زعمت أنه يمارس «حرية التعبير»، فيما نشرته باللغة الدنماركية في نفس العدد، وفي الوقت ذاته صدرت عن المسؤولين في الحكومة الدنماركية تصريحات تحدثت بشكل عام عن أهمية احترام أديان الآخرين، ولم تتضمن أي حديث صريح عن الاعتذار للمسلمين عما أقدمت عليه الصحيفة، التي وفرت لها الحكومة الغطاء الأدبي والسياسي.

بقيت بعد ذلك عدة ملاحظات على المشهد ألخصها فيما يلي:

* إن سلاح المقاطعة الشعبية أثبت جدارته، باعتباره يمس المصالح الغربية في اقتصادها (الذي هو أعز ما تملك)، وهو سلاح ينبغي الاحتفاظ بفعاليته، لأهميته البالغة من ناحية، ولأنه يعد من أقوى أساليب النضال المدني تأثيراً، ويحسب لأزمة الرسوم الكاريكاتورية أنها دفعت البعض إلى التنادي لاستحضار ذلك السلاح المعطل، الذي نحن أشد ما نكون حاجة لاستخدامه على جبهات أخرى، خصوصاً في مواجهتنا للضغوط ومظاهر العدوان الغربي الكثيرة على أمتنا.

* إن الموقف الشعبي من الأزمة أسبق وأقوى كثيراً من الموقف الرسمي في العالم العربي والإسلامي، وإذ نقدر الجهود والمواقف التي عبرت عنها منظمة المؤتمر الإسلامي وعدد من الحكومات العربية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أننا يجب أن نعترف بأن النتائج ستصبح أفضل كثيراً لو تضأمنت أغلب أو كل الحكومات الإسلامية في اتخاذ موقف حازم من حكومة الدنمارك، وهو الحد الأدنى، لو أن وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم العربي على الأقل، عقدوا اجتماعاً طارئاً وأصدروا بياناً مشتركاً أعلنوا فيه موقفهم الرافض لإهانة نبي المسلمين، وهم الذين لم يقصروا ـ فرادى ومجتمعين ـ بل وتنافسوا في الحملة ضد الإرهاب وأهله

الشيخ السيد عسكر: لماذا يكرهون نبي الرحمة؟!

يعتقد المسلمون جميعًا أن الله تبارك وتعالى رفع قدر الأنبياء والمرسلين، وأعلى من شأن عباده الصالحين، وقد بيَّن الله ذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، كما أمر الله عز وجل أمةَ محمد- صلى الله عليه وسلم- بالاقتداء برسل الله أجمعين؛ لأنهم الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة ورسل الهداية.

إن العالم اليوم تحت القيادة الغربية يُسرع الخطى نحو الهاوية، والبشرية تحفر قبرها بظلفها، وتبحث عن قوارير الدواء لتحطِّمَها حتى تسدَّ على نفسها الطريق الموصل إلى الشفاء.. إن ما نراه اليوم على الساحة العالمية عجيبٌ وغريبٌ.. البشرية تنتحر وتقاوم مَن يملك إنقاذَها وتحاول قتلَ مَن يملك الدواء لعللها وأسقامها.

إن من الصعب على الأوروبي الذي تربَّى تربيةً مسيحيةً مغلقةً أن يتحرر من الأفكار التي طالما لاقت رواجًا على مرِّ القرون الطويلة بأن محمدًا- صلى الله عليه وسلم- كان نبيًّا كاذبًا ومخادعًا ومحبًّا للشهوات وداهيةً سياسيًّا، كما أن من الصعب على هذا الأوروبي أن يفهم معنى إجلال المسلمين الكبير لرسولهم- صلى الله عليه وسلم- وتوقيرهم إياه باعتباره أكمل إنسان على وجه الأرض.. يقول مصطفى صادق الرافعي في كتابه (وحي القلم): لو اجتمعت فضائل الحكماء والفلاسفة والمتألِّهين وجُعلت في نصاب واحد ما بلغت أن يجيء منها مثل نفسه- صلى الله عليه وسلم- ولأن الله هو الذي ربَّاه ولأنه كان خلقه القرآن بجماله وكماله

عمار تقي: الغرب يكيل بمكيالين

ولكن كيف يعتبر هذا الغرب «المتحضر» أن اهانة المقدسات والرموز الدينية هو نوع من أنواع حرية التعبير والرأي؟ وكيف تسمح لهم ديموقراطيتهم «المتحضرة» أن ينالوا ويستهزؤوا ويسخروا بهذا الشكل المقزز بأقدس المقدسات الاسلامية من دون أدنى اعتبار لمشاعر ملايين المسلمين في أنحاء العالم كافة؟

بلا شك أن هذا الغرب «المتحضر» صاحب شعار الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان يعيش اشكالية رهيبة لمفهوم

الحرية والديموقراطية، وخير مثال على هذا التناقض الصارخ هو القانون الذي صدر في الولايات المتحدة قبل نحو عامين، والذي يقضي بادراج الأنشطة والممارسات كافة التي تنتقد أو تتعرض في أي بقعة من بقاع العالم الى اليهود ضمن تقرير سنوي تصدره الخارجية الاميركية عن حقوق الانسان، يهدف الى مناهضة السامية ضمن اطار دولي يسمح للسلطات الاميركية بملاحقة أي فرد أو جماعة تنتقد اليهود (مجرد النقد)؟!

نعم..هذا الغرب «المتحضر» الذي يمنع منعا باتا توجيه النقد لأي شخص يهودي عادي، نجده عندما يصل الأمر الى الهجوم السافر والساقط على مقام رسول الاسلام (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) أو الى اهانة كتابنا المقدس «القرآن الكريم» أو التطاول على مقدساتنا ومعتقداتنا ورموزنا الدينية، فانه يعتبر كل ذلك من باب «حرية الرأي والتعبير والديموقراطية»!

حقا أي اشكالية رهيبة للحرية وللديموقراطية يعيشها هذا الغرب «المتحضر»!

جون إل. إسبوزيتو: المسلمون والغرب.. هل هي حرب ثقافية؟

الغرب بين الإسلاموفوبيا والإكسونوفوبيا

من ضمن الأسئلة الأولى التي وُجهت إلى من قبل الإعلام الأوربي والأمريكي واللاتيني -بصدد هذا الصراع الجاري- ذلك السؤال القائل: "هل الإسلام مضاد للقيم الغربية؟ بمعنى آخر، هل نحن بصدد حرب ثقافية؟". إن إجابة ذلك السؤال تعتمد على طرح أسئلة استيضاحية أخرى تنص على الآتي: ما هي تلك القيم الغربية التي نقصدها ونتحدث بشأنها؟ هل هي تلك القيم الغربية العلمانية التي لا تُميز دينا بعينه، في سبيل إفساح الطريق لجميع الأديان، وفي سبيل حماية المؤمن وغير المؤمن سواء؟ أم أنها تلك القيم الغربية "العلمانية الأصولية" المضادة للدين، والتي تزداد بسرعة شديدة ومكثفة ضد الإسلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟.

إن ما نشهده اليوم لا يمت للقيم الديمقراطية الغربية بصلة، فالإعلام الأوربي يعكس اليوم مجتمعا مصابا بالإسلاموفوبيا (كره غير عقلاني لكل ما هو إسلامي) والإكسونوفوبيا (كره غير عقلاني لكل ما هو أجنبي). وإن الرسومات الأخيرة لهي أكبر دليل على الرغبة في الاستفزاز، فهي لا تستخف بـ"أسامة بن لادن" أو بـ"أبو مصعب الزرقاوي"، وإنما هي تستخف بأكثر الرموز قداسة في حياة المسلمين، والغريب أن كل ذلك الاستخفاف يحدث في ظل أسطورة حرية التعبير.

ولكن ما الذي يُحرك ردود أفعال المسلمين؟ في الوهلة الأولى، يقوم بعض المتخصصين طارحين تساؤلهم المعروف: "لماذا يكرهوننا"؟ وتأتي الإجابة "التقليدية الحكيمة": "إنهم يكرهون نجاحنا، وديمقراطيتنا، وحريتنا...". كم هي إجابة سهلة ومُريحة!! وكم هي إجابة خاطئة!! إن من يطلق مثل هذه الإجابة لا يعرف ولا يعترف بأن المحاور الأساسية لهذه "الحرب الثقافية"، الجارية الآن، تتمثل أولا وأخيرا في المعتقدات الإيمانية، وفي الدور الرئيسي للنبي محمد في الإسلام، وفي الحب الذي يحظى به، باعتباره المثل الأعلى والقدوة الحسنة التي يجب أن تُحاكى من قبل المسلمين. إن من يطلق هذه الإجابة لا يدرك محورية الهوية في الحرب الجارية الآن، تلك الهوية التي أُهينت أشد إهانة، والتي نُكل بها أشد تنكيل. فهل كان بإمكان الإعلام الأوربي ذاته -بتوجهه العام- إصدار رسومات كاريكاتيرية مشابهة عن اليهود أو عن الهولوكوست؟ وقد عبر عن ذلك أكبر الأرباب اليهود في فرنسا، "جوزيف سيتروك"، قائلا: "نحن لا نكسب شيئا من الاستهانة بالأديان. إنه نقص في الصدق والاحترام". وقال أيضا: "إن حرية التعبير ليست حقا دون حدود". (إف.بي. 3 فبراير).

أمريكا وأوربا.. أسلوب نفعي

إن الرسومات الكاريكاتيرية المعنية، التي تُسفه وتُحقر من النبي والإسلام، لهي مثيرة للغضب حقا. فهي تدفع إلى الشعور بالاحتقان والازدراء والهامشية في صدور المسلمين، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى بناء جدار عازل بين الغرب والمسلمين المعتدلين الذين سيُسهل استدراجهم واستقطابهم -في أغلب الظن- من قبل المتطرفين. بل إن تلك الرسومات ستدعم الأنظمة المستبدة التي تعارض الديمقراطية، وستفتح لها مجالا أوسع لمهاجمة الديمقراطية باعتبارها مضادة للدين والإسلام، كما تزعم تلك الأنظمة.

إن الأسلوب النفعي الماكر الذي استخدمه "رامسفيلد" لوصف الصراع، لا يترك مجالا لتوجيه أي نقد كان تجاه الغرب. فخطابه بمؤتمر "ميونيخ" لم يحمل أية محاولة للتفريق بين أهداف الحركات الإسلامية المختلفة، ولم يحمل أي اعتراف بفشل السياسات الأمريكية في العراق، بل لم يحمل جملة اعتراف واحدة بالدور التاريخي الذي لعبه الغرب في خلق ذلك الغضب المشروع الذي طالما عانى منه المسلمون، إنما حمل خطابه اختزالا للصراع، من خلال صب اللوم كله على العالم المسلم الذي يكافح دوما -ودون فائدة- للوصول إلى تلك الحرية التي يعيشها الغرب، كما يزعم "رامسفيلد".

لا مساومة في القيم

لا تجوز المساومة في المبادئ والقيم الأساسية، ومن ثم لا تجوز المساومة في مبدأ وقيمة حرية التعبير. إلا أن الحريات لا تتواجد في فراغ، بمعنى أنها لا تتواجد دون حدود. ففي كثير من الدول، يمثل التعبير المُحضّ على الكره (مثل إنكار الهولوكوست، أو تحفيز التعصب العرقي، أو دعم الاستئصال البشري) جريمة، يعاقب عليها القانون. وإن ديمقراطيتنا العلمانية الغربية لا تكفل فقط حرية التعبير، وإنما تكفل أيضا حرية العقيدة، فالاعتقاد وعدم الاعتقاد -سواء- يحتاجان إلى الحماية.

إن العولمة ومعها الغرب المتعدد ثقافيا ودينيا صارا محك الاختبار على مصداقية قيمنا الديمقراطية النبيلة. بمعنى آخر، إن التعددية والتسامح في حاجة اليوم إلى فهم أكبر واحترام أكثر، سواء من قبل غير المسلمين أو من قبل المسلمين.

إن حرية الاعتقاد في داخل مجتمع متعدد لا بد أن تعني وجود بعض المقدسات التي يجب معاملتها كما تستحق، وكما ينبغي. وإن الإسلاموفوبيا -الآخذة في التوغل كسرطان اجتماعي- تمثل خطرا وتهديدا لأصول حياتنا ذات السمة التعددية الديمقراطية، ومن ثم يتحتم علينا رفضها، كرفضنا لحركة مناهضة السامية. وبناء عليه، فإنه يلزم على جميع قادتنا السياسيين والدينيين، وعلى جميع المتخصصين والمعلقين لدينا -وبالطبع على جميع وسائل إعلامنا- أن يقودوا المسيرة سويا لحماية قيمنا النبيلة.

الشيخ رائد حليحل: بالأمس الدانمرك واليوم السويد ... معها ... فهلا فعلّنا المطالبة بحقنا ؟!

فقد أقيم في السويد معرض بعنوان (الكلب في الفن)، وقام أحدهم، ويقال عنه (فنان)، بجرأة كبيرة وحماقة أكبر بالإقدام على إقحام خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الحماقة ، فرسمه على هيئة كلب –والعياذ بالله- ولكن المعرض رفض نشرها وعارض ذلك أيضا مديرة مدرسة ، فما كان من الجريدة سيئة الذكر –اليولاند بوستن الدنماركية - إلا أن تبنت القضية كما تبنت الجريمة السابقة ، وبنفس الحجة - حرية التعبير والرأي - فأقدمت على نشر رسم منها مصحوبا بمقال ينعى الحرية في بلادها ويستنكر عدم النشر، ويعد ذلك من باب قمع الحريات،

نحن نرى أن الطريقة المتبعة في الغرب هي نفسها، فالسويد التي أدانت رسومات الدنمرك، بل أمرت وزيرة خارجيتها وقتها بإقفال موقع عزم على نشرها، وكلفها ذلك استقالتها، نجد السويد اليوم - وبعد احتجاجات من باكستان عندما اظهر سفير السويد تفهما وتعاطفا مع المسلمين واستنكارا للرسومات - تصريحا لمسؤول في الخارجية السويدية، أن هذا الكلام المنسوب لسفيرهم غير دقيق، بل صرح رئيس وزرائهم انه يأسف وللأسف حكاية كبيرة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فأيام الدانمرك لم نحظ منهم بأي اعتذار بل حاولوا اللعب على الألفاظ واستخدموا كلمة الأسف التي لا تعني في قاموسهم سوى تفهمهم لإنزعاجزك مع عدم الإقرار بأنهم أساؤوا، ويتابع رئيس وزراء السويد كما فعل أخوه من قبل (رئيس وزراء الدانمرك) أنه لا يستطيع أن يقمع الحريات ولا أن يعتذر عما فعله غيره، وهكذا مواقفهم واحدة واضحة بل وقحة لم تتغير ولم تتبدل، حتى أن الصحيفة السويدية قالت كأختها الدانمركية من قبل (لن يسمع المسلمون منا أيّ اعتذار) .

نعم إذا كان مطلوبا من المقيمين في الغرب الدعوة إلى الله والعمل حسب وسعهم، فإن هذا لا يعفي المسلم القادر المقيم بين ظهراني المسلمين أن يكون له موقف متميز، يرتقي إلى مستوى الحدث، بل إن الإغراق في الكلام عن الخطط، بعيدة المدى - والآن تحديدا - كأنه هروب من فريضة الوقت في إظهار الشعور بالإهانة، والتحرق لذلك والغضب لله، وإظهار ذالك حتى لا يكون سكوتنا -بحجة الأناة والروية- مؤشرا خطيرا يفهم منه القوم أننا استسلمنا، ولن ننبس ببنت شفة، بل سيبقى صوتنا مدويا، لم ولن نقبل بالتطاول على نبينا، حتى لو كان ذالك على حساب أرواحنا.

رسالة الى علماء الامة


لقد كشفت مأساة غزة، وما صاحبها من أحداث، وما تلاها من ردِّ فعل عن أهمية قيام كل عناصر الأمة بدورها المنوط بها، ولعل من أهم الأدوار التي ينبغي التأكيد عليها، وإثارة أصحابها ليقوموا بها، دور العلماء.

إن العلماء للأمة كطوق النجاة للغريق ينقذه من الغرق، ويهبه - بإذن الله - حياة جديدة، والعلماء هم من يبصرون الحق إذا عميت البصائر في ظلمات الفتن.

وقد رفع الله عز وجل العلماء في مكانة سامقة ترنوا إليها أبصار المسلمين وأفئدتهم، فقد قال سبحانه وتعالى: )يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[([1 .

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم علو منزلة العلماء حتى على العُبَّاد من الأمة، وبين كذلك كيف يرحم الله عز وجل وتدعو الملائكة والناس جميعًا حتى الحيوانات والحشرات للعالم الذي يعلم الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: "فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ"[2].

ولهذه المكانة السامقة التي وضع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فيها العلماء يلوذ المسلمون دائمًا بهم في الملمات ويسترشدون بأقوالهم علَّها تنقذهم؛ لذا علينا ان نتساءل: ما دور العلماء إذن في مثل محنة غزة؟ وهل قاموا بها فعلاً أم لا؟

إننا نرى أن أول واجب على العلماء القيام به هو تعريف الحكام بما يجب أن يقوموا به، وما يجب أن يكونوا عليه، وإرشادهم إلى ما فيه صلاح الأمة؛ فإن الله عز وجل يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، وإن الحاكم مسئول أمام الله عز وجل يوم القيامة عن رعيته كلها، "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..." كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[3].

وينبغي أن لا يهتم العالم بما قد يصيبه من أذى نتيجة صدعه بالحق، فكل الناس مبتلًى، وهذا هو ابتلاء العلماء، وإن لم يثبت العلماء ويقولوا الحق، فمن يصدع به إذن؟!!

ولا يفوتنا التذكير بما حدث للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عندما جأر بالحق في فتنة خلق القرآن، وظلَّ يتحمل التعذيب نتيجة ذلك ما يقرب من سبعة عشر عامًا، حتى نصر الله الحق على يديه بإذنه تعالى.

لقد حفظت الأمة له هذا الجميل، فلقبته بإمام أهل السنة والجماعة، ولكن فضل ربك خير وأبقى..

وكذلك نتذكر بكل الفخر والإعزاز مواقف سلطان العلماء العز بن عبد السلام مع الملك الصالح إسماعيل في دمشق، والصالح نجم الدين أيوب في مصر.

ومن أدوار العلماء المهمة في مثل هذه المحن، إرشاد المسلمين إلى ما يجب عليهم نحو إخوانهم، فالأخوة الإسلامية هي من شعائر هذا الدين، ولا يجوز لمسلم أن يترك نصرة أخيه المسلم حين يحتاجه، وكيفية تفعيل هذه الأخوة في هذه المواقف لابد أن يدلي فيها العلماء بدلوهم.

كما ينبغي أن يوضح العلماء الحقائق لعموم المسلمين، فقد بدأت نبرة أعداء الأمة الإسلامية في الداخل – أي المنافقين - تعلو مدعيةً أن ما حدث من دخول إخواننا المحاصرين في غزة إلى مصر مؤامرة مرتَّبة، وأنه انتهاك للسيادة المصرية، إلى آخر هذا الكلام الذي ألقاه أولياؤهم من أعداء الأمة على ألسنتهم.

تحامل إعلامي واضح

إن على العلماء دورًا كبيرًا في كشف زيف هذه الأقوال، وغرض أصحابها من وراء إطلاقها، كما أن عليهم دعوة الأمة الإسلامية إلى التضامن الحقيقي بالأفعال لا الأقوال.

وعلى العلماء كذلك أن يشرحوا للناس أبعاد القضية، وجذور المشكلة، ولماذا احتُلَّت فلسطين أصلاً، وكيف تم ذلك، ومن العدو في قصتها، ومن الصديق، وما المتوقَّع في هذه الأحداث، وما رد الفعل المطلوب؟

ومن الأحرى بالعلماء إذا دعوا المسلمين إلى أمر مناصرة إخوانهم أن يكونوا أول المشاركين فيه، فيجاهدون بأموالهم وألسنتهم، وإلا فقد الناس القدوة والنموذج، وألقى شياطين الجن والإنس في قلوبهم أن هؤلاء العلماء يقولون ما لا يفعلون، فثبطوهم عن طاعة الله بالوقوف مع إخوانهم.

وإذا أراد العلماء أن يكون لصوتهم أثر فعليهم أن يتجمعوا في كيان واحدٍ ليكون صوتهم مؤثرًا، ولن يحدث ذلك إلا إذا تناسوا خلافاتهم، وأقبل بعضهم على بعضٍ بحب.

وعليهم ألا يكرروا ما حدث خلال فترات الضعف في التاريخ الإسلامي من خلافات أضاعت الأمة، فالتاريخ لا ينسى أنه في عام 317هـ، وبينما وقع خلاف في بغداد بين بعض شيوخ الحنابلة، وبين عموم الناس حول تفسير آية من القرآن الكريم، فتحزَّب كل فريق، واقتتلوا بسبب ذلك، ووقع بينهم قتلى، بينما كان ذلك يحدث كان القرامطة – وهم فرقة خارجة عن الإسلام - يقتحمون المسجد الحرام، ويقتلون الحجيج، ويسرقون الحجر الأسود، ويأخذونه إلى عاصمتهم (هجر) في البحرين لمدة عشرين عامًا.

كان الخلاف بين المسلمين سبب ضعف الأمة وتفرقها، وقد كان علماء هذا الزمان مشاركين في هذا التفرُّق، فعلى العلماء الآن أن يدركوا خطورة الفُرقة، وأن يسعوا إلى الوحدة والتوافق.

وقد أجرينا على الموقع استبيانًا حول تقييم دور العلماء في أزمة غزة، وهل هو ممتاز، أم جيد أم ضعيف، فجاءت نسبة الأصوات لمن يرونه ممتازًا 12.3%، ونسبة من يرونه جيدًا 23.9%، ونسبة من يرونه ضعيفًا 63.9%؛ مما يكشف عن عدم رضا الأمة عن جهود علمائها في هذه المحنة، وعن أدائهم بصفة عامة، فعلى علمائنا أن ينشطوا للقيام بأدوارهم التي أوكلها الله عز وجل إليهم، وينتظرها الأمة منهم.

بقلم د راغب السرجانى

نقلا عن موقع قصة الاسلام http://www.islamstory.com/Default.aspx